حبا الله زهير ميرزا قريحةً شعريةً فيّاضة ؛ وقد أُوتِيَ حساً مرهفاً ، وعاطفةً نبيلةً ، وعيناً لمّاحة ؛ فانسابَ شعرُه غَزلاً رقيقاً في الحبِّ والحنين، وشِعراً وجْدانياً تبدّتْ فيه نظرتُه في الحياة ومشاعرُه المُرهفَة وفِكرُه العميق . وبعيْنه اللمًّاحةِ وصفَ أماكنَ وشخصيّاتٍ من الواقع فأبدعَها صوراً حيّة تكادُ تنطِق !.

 تفاعلَ الشاعرُ مع أحْداثِ ذلك الزمان ، فَجاء شعرُه القوميُّ مرآةً لِما يجري فيه؛ ونظم قصائدَ تصِف الحدث وتوثّقه ، منها ما يحكي عن قَصفِ دِمشقَ في 29 أيّار 1945 ، ومنها ما كان عن فلسطين في نكبتها . 

وقد تَطرّقَ في شعرِه لأغراضٍ أُخرى ، بقصائدَ متنوعة، ومقطوعاتٍ شعريّة قصيرة، ومشاهدَ مسرحيّةٍ جمِيلة، مثل شهْرزاد، وعانِس وغيرها…يميّزها التّنوع في القوافي والموسيقا، حتّى في القَصيدة الواحِدة. 

zuhair mirza

هيَ الأمُّ ؛ ربيعُ الحياةِ ودَيْمومتُها ! ما أَجْملَها ضحكَةُ أُمِّهِ تُشْرِقُ ربيعاً في حياتِه ! هوَ الرَّبيعُ خِصْبُ الحَياةِ وتجَددُّها ، هوَ النَّوْروزُ يُنادِينا فَلْنِنطلِقْ بأغاني الحياة نُرددُّ أحْلامَ الشّباب !

أتُرى ضحككِ يا أماهُ هذا أم ربيعُ؟

بعثته رعشةُ الرغبةِ في فَجْرٍ يضوعُ

فشقاءُ النّفسِ ما انفكَّ تُقاسيه الضلوعُ

واكتئابُ الأمسِ أطيافٌ من الذكرى تَروعُ

                      يا حبيبي هتف النيروزُ! هيا للروابي                     

نصدحِ اليوم أغاريدَ بأحلام الشباب!

الشّاعر يُناجي الليل ؛ يُناجيه ، ومَنْ لايُناجي مَثيله ! فكلانا ياليلُ  عابرٌ في دَرب الحياة ؛ أنتَ ياليلُ تمْضي لِيَتجلّى الصّبحُ أنْواراً ، وأَنا ياليلُ سأَمضي وسأَتركُ من بعدِي صدايَ خالداً ساحراً !

يا ليل أنت اليوم مثــــــــــــلي غير أني حائر
من أنت يا ليل ومن           أنــا؟ كلانا عابر
من بعدك الصبح ومن    بعدي صداي الساحر

ولعلَّ من عَذْبِ شعرِه في الغَزلِ وَصْفَ طَبْعِ الحبيبِ والمحْبوبِ ، ومَشاعرَ الحبيبِ نحو محْبوبِه .

طَالَ شَوْقي إلى الحبيبِ الغَريبِ

 أَتُراه بَيْنَ الهوى والقُلوبِ ؟

طبعُهُ الصّدُّوالدّلالُ ؛ وطبعي

 أنْ أراهُ في كلِّ حالٍ حبيبي

مـا عَلَيـهِ إذا تـلـفّـتُ يـولـيــني

 سُؤَالَ المحبوبِ للمحبوبِ ؟

ما قاله في رثاء المطربة اسمهان بعد موتها غرقاً. و خسارة الفن والجمال لهذا الصوت البديع الذي رحل مبكراً قبل الأوان..

خُلقـتْ مـن لـطـافــةِ النـــور والنــــارِ                 وسحرِ الأطيــارِ صــــوتاً وجـيــدا 

نعستْ قبلــما أتىَ موعــدُ النـــــوم                  وأغــــفـت بــــريـئــــــــةً و ودودا 

عارضَتْها حقيقةُ الموتِ،فانصاعتْ                  ولــــكـــنْ يـقـيـنُــهـــا أن تـعــودا 

لم تَعُدْ !.. لم تَـــعُـدْ فـــواحسرتـــــا                  للفنِّ والحُسْنِ كيف مال وليدا 

هيَ بلادُنا مَبْعَثُ فَخرِنا ؛ مَاضينا ماجدٌ فِعالاً ، زاخرٌ عِزًّة وكِبريَاء ! وحاضِرُنا امْتِدادٌ لِماضينا ؛ رجالٌ خَبِروا الحياةَ ، ودونَهُم عَزمُ الجِبال ! رجالُنا اليومَ لا مكانَ بيْنَهم لِرِعْدِيد

في بلادي
في بلادي الكبرياء
حيث يحيا الأقوياء
ويعيشون الدهر، حياة الأنبياء
وينامون على حلم وأمجاد وضاء
حيث لا جبن، ولا ضعف، ولا دنيا رخاء …